كان شابا في مقتبل العمر ويؤدي حكمته العسكرية,امسك سماعة الهاتف وهو متردد,لكن كان عليه ان يجري المكالمة لكي يحسم امره من الخطوة القادمة!
طلب الرقم ورد عليه والده العجوز: الو ...من يتكلم؟؟..
ـ مرحبا والدي.. أنا أحدثك من المعسكر وقد انتهيت خدمتي العسكرية وسوف احضر قريبا.
ـ أهلا بني.. حمدا لله على سلامتك.. نحن ننتظرك على أحر من الجمر.. خذ حذرك وانتبه لنفسك.. فوالدتك سوف تفرح كثيرا لقدومك..وهي من ألان تبحث لك عن عروس تريد أن تفرح بك.
ـ حسنا أبي سنتكلم بهذا عندما أعود .والآن أريد أن اقول أمر وأريدكم أن تتفهموه. هناك طلب بسيط.
ـ أنت الأمر ولك ما تريد.
ـ هناك صديق يريد أن يأتي ويعيش معنا,فقد فقد كل شي ولم يبق له احد!
ـ وماذا في ذلك, نحن نرحب بك وبصديقك بيننا.
ـ لكن هناك أمر يتعلق به, وهو انه فقد يده ورجله أثناء الانفجار, وكما قلت لكم ليس عنده احد في هذه الدنيا.
وهنا تغيرت لهجة الأب وبدا عليه الاستغراب والاستنكار: ماذا بابني؟! أتعرف عما تتكلم؟! وتريد منا أن نعتني به؟ بابني..فكر مليا بالموضوع. نحن شيوخ عاجزون ولا نستطيع أن نعتني بأنفسنا. فكيف تريد منا أن نهتم به, نحن لنا حياتنا, وشخص بمثل حالة صديقك سوف يكون حملا مزعجا ثقيلا, يكفينا ما بنا من عجز ومرض وشيخوخة.. بابني انس أمره, إن الله لن يتركه هكذا, ولابد من وجود مكان خاص لهؤلاء.. فكر بنفسك وتعال لنفرح بك.
وهنا أغلق الخط.. وبعد أيام وردت إلى أهل الشاب مكالمة تخبرهم أن ابنهم توفى, ويطلبون منهم الحضور للتعرف على جثة ابنهم! لقد تناول كمية من الدواء أدت إلى وفاته.. كان واقع الخبر عليهم مثل الصاعقة وما صعقهم أكثر عندما وجدوا ابنهم, بيد واحدة ورجل واحدة!!
فلنفكر قليلا,
هل من الضروري أن يكون الإنسان كامل الأوصاف حتى نحبه؟
أم إن الحب الحقيقي يجب أن لا يكون غير مشروط؟
أليس من الممكن أن يحدث مكروه للشخص الذي نحب فيتغير ويمرض او ينكسر او يصاب بعجز!!
هل ننبذه لأنه لم يعد كما كان؟
ثم إننا السنا معرضون لأن نصاب بمكروه(لا سامح الله)..؟ وماذا لو كنا مكانه!.