لعلك لا يمر بك اسبوع دون ان تسمع تلك العبارة .. بل أكاد اقول لا يمر بك يوما دون ان تسمعها ان كنت كثير الاحتكاك بالناس ..
هكذا الشعور بين عامة الشعب بل و كثير من خاصته .. سخط دائم على تلك الاوضاع التي وصلنا اليها و التي تسيطر على حياتنا اليومية ..
لاشك ان أحداً لا يقصد البلد بعينها ، فالكثير يعلم ان مصر مليئة بالخيرات .. و السخط كله منصب على ما خلفته الحكومات الفاشلة المتعاقبة
و ما يقابل ذلك من سلبية الناس ..
بل تكاد ترى في ظل تلك الأوضاع أن كل فرد يحرص على مصلحته الشخصية و لو على حساب الاخرين ، لتصل بنا هذه الأوضاع الى ان يتقاتل
الناس على رغيف الخبز .. و لو انك تتابع أخبار الحوادث فإنك بالطبع أصبحت لا تصاب بالدهشة حين تقرأ عن جريمة قتل بسبب 50 او 100 جنيه
بل أحيانا بسبب 10 جنيهات من تكرار تلك الأخبار على صفحات الحوادث ..
و لا نحتاج بالطبع استعراض اسباب السخط العام السائد بين الناس ، فسوء الأحوال المعيشية من غلاء الأسعار و عدم توافر السلع الضرورية
و سوء الخدمات الصحية و غباء ( و ليس سوء ) المواصلات ، و الزحام ، الى الانغلاق السياسي و غياب الحريات و قهر الداخلية للناس
و الكثير و الكثير من ذلك .. كل هذا لا يحتاج الى تفصيل و لا تدليل فهو واضح للعميان
و لهذا كله لم تصبح كلمة ( دي بلد بنت كلب ) مستهجنة بين الناس ، فلم اسمع قط احدا قال هذه الجملة و رد عليه آخر يقول له
( يا عم ما تشتمش البلد ) و ينهره عن ذلك .. بل ان رد الفعل الطبيعي بعد هذه الجملة هي تلك المصدقة عليها ( و الله عندك حق )
لتصبح هي المتلازمة الشهيرة في مصر الان ( دي بلد بنت كلب ) - ( و الله عندك حق )
نسمعها في كل الامكان ، في المواصلات ، في المستشفيات ، في المصالح الحكومية ، في الشوارع ، في المطاعم ، في الاسواق
في المقاهي ، و بالطبع .. في الطوابير ..
و تتحول هذه الجملة الى قناعة داخل الضمير المصري ، هذه البلد تتجه كل يوم من السئ الى الاسوا ..
يكتب أحدهم تعليقاً رائعاً قال فيه ( استمتع بالسئ فالأسوا قادم ) قرأت هذا التعليق من سنتين ..
ان ترك هذه البلد أمنية كل من يعيش فيها .. الهجرة بلا ادنى شك و دون اي مناقشة و اقل تفكير هي حلم كل مواطن مصري
و البقاء فيها غضب من الله و نقمة ..
و بهذا أصبح هناك ربط لا شعوري داخل النفس المصرية .. بين الاوضاع الحالية و بين البلد التي نعيش على ارضها
حتى انه من الطريف ان تجد ذلك الاحساس متسرب الى الطبقة " المرتاحة " في مصر ، ففي مهرجان الكوربة السنوي بمصر الجديدة
كانت أكثر تعليقات الحضور و اللذين ينتمون الى الطبقة " المرتاحة " تدور حول معنى واحد او جملة واحدة ترددت كثيرا
" تحس انك مش في مصر "
أصبح عندهم أهم ما يميز مصر .. الزحام و الرتابة و عدم النظام و ما الى ذلك .. كل هذا يدفعني للسؤال بقوة عن " الانتماء المصري " ..
ذلك المعنى الذي يطنطن به حملة المباخر .. حين يغضب الناس و يخرجوا عن شعورهم نتيجة السخط الرهيب الذي يحملونه بين اضلعهم
و لا افهم لمَ يتوقف الانتماء المصري عند هؤلاء " الغلابة " .. و لا يسأل عنه الجماعة المحتكرين و المختلسين و المرتشين
المقرين الى النظام و الحزب الحاكم ..
لا عجب إذاً عندما يصبح الانتماء نكتة هذا العصر .. فما أن تسأل أحد عن إنتمائه حتى تنتابه نوبة من الضحك و قد غلب عليه الظن أن
السائل مختل عقلياً .. و ظني أن أحدهم لو كان قد سمع مصطفى كامل و هو يقول كلمته الشهيرة
" لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً " .. لقتله
قديما عاش المصريون على ضفاف النيل .. و انتموا له بحق حتى جعلوا منه إلها يتقربون إليه و يقدسونه ..
ذلك أن النيل قد وفى للمصريين حياة كريمة و معاشاً طيباً و شعور في أحضانه بالأمان ..
و على غرار ذلك ينتمي الناس ..
بالطبع لست في محل التبرير لنقص او عدم الانتماء إذا ما كان الأمر كذلك ..
فثمة فارق بين التبرير .. و بين البحث عن الأسباب ..
و لكني أعلم جيداً أنني أحب مصر .. و كثيرون مثلي يحبونها و أغلب المثقفين اللذين تعلمت منهم كذلك أيضا ..
و حاولت أن أبحث جاهداً عن سبب لهذا الحب و هذا الإنتماء ، فلم أجد سبباً غير أننا ننتمي لمصر تاريخياً
فنحن نعرف مصر و نعرف تاريخياً و مكان لها من مكانة و مجد ، و أن مصر هي قلب العالم العربي و الإسلامي
و طالما كانت هي سيف هذا العالم ودرعه ..
تلك هي مصر التي ننتمي اليها .. و نحلم و نعمل من أجل ان تعود الى العالم
يذكرني ذلك بقول صلاح جاهين ..
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء... أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء...
باحبها وهي مالكه الأرض شرق وغرب... وباحبها وهي مرميه جريحة حرب...
باحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء... واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء...
واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب... وتلتفت تلقيني جنبها في الكرب...
والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب... على اسم مصر
أما البسطاء .. من غير المثقفين .. و هم يمثلون أغلب المصريين ..
ماذا يدعوهم إلى الإنتماء الى مصر ؟
هذا هو السؤال الذي يحتاج الى اجابة ..
متى ينتهي الناس عن قولتهم
( دي بلد بنت كلب ) ؟!
هكذا الشعور بين عامة الشعب بل و كثير من خاصته .. سخط دائم على تلك الاوضاع التي وصلنا اليها و التي تسيطر على حياتنا اليومية ..
لاشك ان أحداً لا يقصد البلد بعينها ، فالكثير يعلم ان مصر مليئة بالخيرات .. و السخط كله منصب على ما خلفته الحكومات الفاشلة المتعاقبة
و ما يقابل ذلك من سلبية الناس ..
بل تكاد ترى في ظل تلك الأوضاع أن كل فرد يحرص على مصلحته الشخصية و لو على حساب الاخرين ، لتصل بنا هذه الأوضاع الى ان يتقاتل
الناس على رغيف الخبز .. و لو انك تتابع أخبار الحوادث فإنك بالطبع أصبحت لا تصاب بالدهشة حين تقرأ عن جريمة قتل بسبب 50 او 100 جنيه
بل أحيانا بسبب 10 جنيهات من تكرار تلك الأخبار على صفحات الحوادث ..
و لا نحتاج بالطبع استعراض اسباب السخط العام السائد بين الناس ، فسوء الأحوال المعيشية من غلاء الأسعار و عدم توافر السلع الضرورية
و سوء الخدمات الصحية و غباء ( و ليس سوء ) المواصلات ، و الزحام ، الى الانغلاق السياسي و غياب الحريات و قهر الداخلية للناس
و الكثير و الكثير من ذلك .. كل هذا لا يحتاج الى تفصيل و لا تدليل فهو واضح للعميان
و لهذا كله لم تصبح كلمة ( دي بلد بنت كلب ) مستهجنة بين الناس ، فلم اسمع قط احدا قال هذه الجملة و رد عليه آخر يقول له
( يا عم ما تشتمش البلد ) و ينهره عن ذلك .. بل ان رد الفعل الطبيعي بعد هذه الجملة هي تلك المصدقة عليها ( و الله عندك حق )
لتصبح هي المتلازمة الشهيرة في مصر الان ( دي بلد بنت كلب ) - ( و الله عندك حق )
نسمعها في كل الامكان ، في المواصلات ، في المستشفيات ، في المصالح الحكومية ، في الشوارع ، في المطاعم ، في الاسواق
في المقاهي ، و بالطبع .. في الطوابير ..
و تتحول هذه الجملة الى قناعة داخل الضمير المصري ، هذه البلد تتجه كل يوم من السئ الى الاسوا ..
يكتب أحدهم تعليقاً رائعاً قال فيه ( استمتع بالسئ فالأسوا قادم ) قرأت هذا التعليق من سنتين ..
ان ترك هذه البلد أمنية كل من يعيش فيها .. الهجرة بلا ادنى شك و دون اي مناقشة و اقل تفكير هي حلم كل مواطن مصري
و البقاء فيها غضب من الله و نقمة ..
و بهذا أصبح هناك ربط لا شعوري داخل النفس المصرية .. بين الاوضاع الحالية و بين البلد التي نعيش على ارضها
حتى انه من الطريف ان تجد ذلك الاحساس متسرب الى الطبقة " المرتاحة " في مصر ، ففي مهرجان الكوربة السنوي بمصر الجديدة
كانت أكثر تعليقات الحضور و اللذين ينتمون الى الطبقة " المرتاحة " تدور حول معنى واحد او جملة واحدة ترددت كثيرا
" تحس انك مش في مصر "
أصبح عندهم أهم ما يميز مصر .. الزحام و الرتابة و عدم النظام و ما الى ذلك .. كل هذا يدفعني للسؤال بقوة عن " الانتماء المصري " ..
ذلك المعنى الذي يطنطن به حملة المباخر .. حين يغضب الناس و يخرجوا عن شعورهم نتيجة السخط الرهيب الذي يحملونه بين اضلعهم
و لا افهم لمَ يتوقف الانتماء المصري عند هؤلاء " الغلابة " .. و لا يسأل عنه الجماعة المحتكرين و المختلسين و المرتشين
المقرين الى النظام و الحزب الحاكم ..
لا عجب إذاً عندما يصبح الانتماء نكتة هذا العصر .. فما أن تسأل أحد عن إنتمائه حتى تنتابه نوبة من الضحك و قد غلب عليه الظن أن
السائل مختل عقلياً .. و ظني أن أحدهم لو كان قد سمع مصطفى كامل و هو يقول كلمته الشهيرة
" لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً " .. لقتله
قديما عاش المصريون على ضفاف النيل .. و انتموا له بحق حتى جعلوا منه إلها يتقربون إليه و يقدسونه ..
ذلك أن النيل قد وفى للمصريين حياة كريمة و معاشاً طيباً و شعور في أحضانه بالأمان ..
و على غرار ذلك ينتمي الناس ..
بالطبع لست في محل التبرير لنقص او عدم الانتماء إذا ما كان الأمر كذلك ..
فثمة فارق بين التبرير .. و بين البحث عن الأسباب ..
و لكني أعلم جيداً أنني أحب مصر .. و كثيرون مثلي يحبونها و أغلب المثقفين اللذين تعلمت منهم كذلك أيضا ..
و حاولت أن أبحث جاهداً عن سبب لهذا الحب و هذا الإنتماء ، فلم أجد سبباً غير أننا ننتمي لمصر تاريخياً
فنحن نعرف مصر و نعرف تاريخياً و مكان لها من مكانة و مجد ، و أن مصر هي قلب العالم العربي و الإسلامي
و طالما كانت هي سيف هذا العالم ودرعه ..
تلك هي مصر التي ننتمي اليها .. و نحلم و نعمل من أجل ان تعود الى العالم
يذكرني ذلك بقول صلاح جاهين ..
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء... أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء...
باحبها وهي مالكه الأرض شرق وغرب... وباحبها وهي مرميه جريحة حرب...
باحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء... واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء...
واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب... وتلتفت تلقيني جنبها في الكرب...
والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب... على اسم مصر
أما البسطاء .. من غير المثقفين .. و هم يمثلون أغلب المصريين ..
ماذا يدعوهم إلى الإنتماء الى مصر ؟
هذا هو السؤال الذي يحتاج الى اجابة ..
متى ينتهي الناس عن قولتهم
( دي بلد بنت كلب ) ؟!