رائحة الحياة
هذه هي ثاني مرة أكتب إلي بريد الجمعة, وقد حالفني الحظ في المرة السابقة بأن نشرت رسالتي بعنوان رائحة الموت وذلك في شهر مايو عام2006.. باختصار شديد كنت مدمنا للمخدرات واحتوت رسالتي في ذلك الوقت علي تفاصيل دقيقة عن تعاطي المخدرات وأماكن بيعها ومشكلتي معها, وكنت أريد أن يساعدني أحد حتي ولو بالكلام فقط, وهذا ماحدث معي عندما قدمت لي النصيحة وعرضت المساعدة في علاجي, وتجاوب معي بعض القراء في الأسبوع التالي وعرضوا المساعدة في العلاج أيضا.. وبالفعل حدثت معي المعجزة وأقلعت عن المخدرات تماما بجميع أنواعها, لقد شفاني الله سبحانه وتعالي وبدأت حياتي تأخذ شكلا جديدا مليئا بالأمل والاحترام والتدين والقرب من الله.
تعرفت علي فتاة بعدما تجاوزت فترة العلاج وتخلصت تماما من أعراض الانسحاب والآلام التي تعقب ترك المخدرات, لم أكذب عليها تماما ولكنني حاولت أن أتجمل فاعترفت لها بأنني كنت اتعاطي المخدرات ولكن بشكل بسيط وانني ليس عندي مشكلة مع المخدرات ولن اعود إليها ابدا... وهذا ما كنت انويه.. ومضت الأيام واصبح حبي لها يزداد كل يوم, بل كل ساعة ودقيقة وثانية.. اصبحت هي كل شئ احبه في هذه الدنيا..
لم تكن ظروفها في البيت مستقرة ما بين أب بخيل جدا وزوجة أب مهملة وأخوات كل واحد في حاله, لذلك كان حبها لي يزداد أيضا بشدة مع الايام, لانها وجدت معي الحنان والحب.. كنت أريد أن اضعها في قلبي.. في صدري حتي احميها من كل شئ.. خطبتها في وقت كنت فيه غير مستعد ماديا ولكن كان عندي يقين بأن الله سوف يساعدني مادمت أريد أن ابدأ حياة هادئة نظيفة مع المرأة التي اختارها قلبي.. وبالفعل تمت خطبتنا وكنا في ذلك اليوم اسعد اثنين علي وجه الأرض.. وبدأ الله يكافئني علي توبتي وترك المعاصي, فكنت ارزق رزقا واسعا وقمت باستئجار شقة وإعدادها, في وقت قصير جدا عقدنا القران وبدأنا الاستعداد للزفاف بعد شهر.. اقسم بالله اني كنت احس في بعض الاوقات ان قلبي سوف يتوقف عندما افكر ان الوقت الذي سوف اضمها الي صدري في بيتنا قد اقترب.. كنت ابكي من الفرح عندما كنت افكر بأنني سوف استيقظ لأري هذا الملاك نائما.. بجواري.. احبها.. ولكن حدثت لي مشكلة في يوم ما.. كثرت علي الديون وتركت عملي وكنت قلقا جدا علي مستقبلنا.. وقعت مرة أخري في فخ المخدرات ولكن سرعان ما اكتشف من حولي الأمر حتي زوجتي.. فطلبت الطلاق..
وهنا شعرت بأن هذا الطلب يعني القضاء علي كل أمل في حياتي.. بل القضاء علي انا.. اصبحت تطلب الطلاق في كل مرة تشك في انني تحت تأثير المخدر,.. سيدي.. في الماضي كنت مدمنا ولا استطيع العيش بدون المخدر ولكني عندما عدت لتناول المخدرات هذه المرة كانت مجرد بعض الأدوية والعقاقير المهدئة وكان الامر يحدث علي فترات بعيدة.. ولكن تطور الأمر مع زوجتي فأخبرت اهلها الذين كان ردهم علي الأمر ان الطلاق هو الحل وانني كنت اختيارا خاطئا من البداية واصبحت تلومهم علي أنهم وافقوا علي, ويقومون بالرد عليها انها هي التي اختارت.. ولكنني لكي احسم الموقف تعهدت إلي اخيها انني لن أكرر موضوع التعاطي وانني سوف ألتزم في العمل ولن اكذب أو أخدعها ابدا واتفقنا علي ان أعمل تحليل مخدرات من وقت إلي آخر حتي تطمئن انني لن أعود إلي هذا الطريق أبدا ما حييت.. منذ ذلك الوقت وأنا اعيش كل يوم في مشكلات, بعض الأوقات تريد الطلاق فهي خائفة من ان نعيش حياة المدمنين التي نعرفها جميعا, وبعض الأوقات تقول انها تحبني ولن تتركني مهما حدث..
وعدتها انني لن افعل اي شئ تكرهه.. لن أعود إلي طريق المخدرات ولن أكذب عليها مهما حدث.. بدأت اغير حياتي مرة أخري إلي الافضل.. تركت المخدرات مرة أخري واستعنت بالله ورزقني الله بالعمل في شركة كبيرة وبدأت المشاكل تذوب مع الايام وبدأت الأمور تهدأ بيننا.. ولكن هنا حدثت المصيبة الكبري.. سبب كتابتي هذه الرسالة.. كنا نجلس أول ايام العيد وكنت امسك يدها وانظر في عينيها وقلت لها هل انت خائفة مني حتي الآن؟ قالت نعم.. اخاف أن تعود للمخدرات ونعيش في جحيم أنا وأنت.. وكنت قد عرفت أن هناك ما يسمي بزمالة المدمنين المجهولين, وهو عبارة عن برنامج من12 خطوة يتبعها المدمن حتي يتخلص من مشكلة المخدرات, قمت بإخبارها عن هذه الخطوات واحضرت لها الكتاب الخاص بهذه الزمالة, وكانت أولي العبارات في الكتاب أن الادمان مرض مزمن لا شفاء منه ولكن يمكن محاصرته وذلك عن طريق الاثنتي عشر خطوة التي يقوم المدمن بعملها طوال حياته واذا توقف عن فعل هذه الاشياء فلا شك في أنه سوف يعود للتعاطي مرة أخري.. ورغبة مني في بداية صحيحة لمواجهة مرضي,
ذهبت الي وحدة إخراج المخدرات من الجسم وتعد هذه الخطوة الأولي التي يتخذها المدمن ويقوم بعدها بالذهاب الي مكان علاجي يساعده فيه المشرفون علي تطبيق الـ12 خطوة ومحاصرة مرضه.
اتفقنا أنا وهي علي أنني سوف أذهب واقضي الأيام الخمسة في هذا المكان وبعدها أقوم بتطبيق البرنامج وبذلك ينتهي خوفها من عودتي الي المخدرات الي الأبد.. ولكني فوجئت بأنها تريد الطلاق مرة أخري, ولكن هذه المرة بإصرار شديد وهي تقول.. أنت مدمن وأنا لا استحق أن أعيش مع مدمن.. أنه مرض لا شفاء منه.. أنا أخاف اجيب منك أولاد.. أنت ممكن تتحول في أي وقت.
سيدي.. أنا أحب هذه الفتاة.. أحبها أكثر من كل شيء في حياتي.. اقسم لك بأنني مستعد أن أفعل أي شيء حتي يتم زواجنا.. أحبها فهي كل ما بقي لي في الدنيا.. أعلم جيدا أنني لو فقدتها فسوف أضيع.. أنا أريد أن أعيش معها وأنجب أطفالا وأصبح أبا محترما.. أريد أن اعوضها واعوض اهلي عما سببته لهم.. أريد أن أعيش في سلام.. إنني أكتب هذه الرسالة حتي اسأل هل أنا مكتوب علي أن أدفع ثمن تعاطي المخدرات طوال حياتي؟.. ألا يوجد شيء اسمه توبة؟.. هل استطيع أن أحتفظ بزوجتي وأكون الإنسان المحترم الذي اتمني أن أكون..؟ هل تقف زوجتي الي جانبي أم تتركني؟؟ سوف تكون ورقة طلاقنا هي نفس ورقة شهادة وفاتي.. هل استحقها..؟ كيف اثبت لكل من حولي أنني جاد في رغبتي في العلاج وانني لن أعود بإذن الله ابدا الي التعاطي..؟! أعلم أنني اطلت عليك سيدي, اليوم أنا في انتظار اخيها حتي ينهي الموضوع.. أتوسل اليك أكتب لها بعض الكلمات التي تجعلها تعطيني فرصة, والله أنا جاد في طلب المساعدة, جاد في كرهي الشديد للمخدرات, جاد في حبي لزوجتي.. ساعدني أرجوك فهي من محبي بريد الجمعة وتتأثر به وبآرائك.
ساعدوني في الاحتفاظ بزوجتي.. وأنا علي أتم استعداد للقيام بالإبلاغ عن بعض تجار المخدرات الذين اعرفهم بل واساعد في القبض عليهم.
سيدي: لقد خسرت كثيرا في الطريق الذي كنت اسير فيه.. ولكنني أفقت.. وأريد النجاة.. ساعدني.
أرجوك حاول مساعدتي بنشر رسالتي وإقناع زوجتي بأنه يوجد أمل وأنه ليس من الضرورة أن أنتكس وأعود للتعاطي.. إن قربي من الله سوف يحميني.. وأنا عندي يقين بذلك.
وبالمناسبة أرجو كتابة موقع زمالة المدمنين المجهولين, وأرجو من أي شخص عنده مشكلة مع المخدرات الدخول الي الموقعwww.na.org.. و معرفة البرنامج لأنه اثبت أنه الطريقة الوحيدة التي تجعل ترك المخدرات والعيش بدونها شيئا ممكنا.
* سيدي..
جاءتني رسالتك في الوقت الذي تتجمع أمامي معلومات مفزعة عن انتشار المخدرات بين الشباب, فالهيروين أصبح رخيص الثمن, والإقبال زاد علي الكوكايين, والعقاقير الطبية المدرجة علي جداول المخدرات.. شباب يبحث عن متعة لحظية, معتقدا أنه يستطيع النجاة في أي وقت يشاء, وفجأة يكتشف أنه يفقد رجولته, كما يفقد إنسانيته واحترام الآخرين وثقتهم به, فيصبح الخروج صعبا وشاقا, فإما أن ينجو إذا كانت لديه النية والعزيمة, وإما أن يصبح عبئا علي الجميع ـ أهله ومحبيه وأصحابه ـ مطاردا من الشرطة, محروما من كل متع الحياة, من زوجة صالحة, من عمل ينجح فيه وبه, من ابن يحمل اسمه ويتباهي به.
كنت يا عزيزي, تسير في طريق الهلاك حتي أرسلت لي ومددت لك وأصدقاء بريد الجمعة يدنا, ونجحت في اجتياز الصعب, وفي موسم الحصاد, ومع أول عاصفة واجهتك, انهزمت, انتكست, خذلت شريكة الحياة التي تعلقت بك وبنت آمالا عليك لتعويضها عما عانته في حياتها, وعدت إلي عالم المخدرات, عدت لتستنشق مرة أخري رائحة الموت بعد أن تنسمت رائحة الحياة.
تسأل ـ يا عزيزي ـ ألا يوجد شيء اسمه توبة؟ هل استطيع أن احتفظ بزوجتي وأكون الإنسان المحترم الذي أتمني أن أكون؟.. نعم, من حقك, ولكن من منعك هذا الحق؟ ألست أنت الجاني؟ ألست أنت الذي أخللت بواجباتك!
إذا كان لك حق, فعليك واجب, وأنت الذي رفض الحصول علي الأول وفرطت فيه, ولم تقم بالثاني, فمن يطلب ممن؟!.
من حق زوجتك ألا تأمن لك, بعد أن وثقت فيك ووقفت بجوارك, ومن حقها ألا تنجب منك الآن, فلن يشرف أولادك أن يكون أبوهم مدمنا..
سيدي.. تطلب مني أن أقنع زوجتك بوجود الأمل في شفائك, وسأفعل وأدعوها لتمنحك الفرصة الأخيرة, تساندك حتي تبرأ تماما مما أنت فيه, خاصة أنك تعرف طريق العلاج, فمحبتك لها تستحق هذه الفرصة, علي أن تثبت لها ولنفسك ولنا أنك صادق هذه المرة, وأنك بدون وضع شروط ستتوجه إلي إدارة مكافحة المخدرات للإبلاغ عن تجار المخدرات, الذين يقتلون الشباب مستقبل الوطن.
عليك أن تثبت لزوجتك أنك رجلها الذي لا تهزمه المشكلات, ليس عيبا أن تخسر مواجهة, أن تتعثر, أن تفشل, العيب هو أن تهرب من المواجهة, أن تختبئ خلف المخدر, فهو لا يحل مشكلة ولكنه يغيبك مؤقتا عنها, وعندما تفيق تكتشف أنك مازلت في موقعك, وحيدا في أرض الغرفة, أو ضائعا في الطريق.. اشركها معك في كل أزمة, وتأكد أنك معها وبحبكما تستطيعان تجاوز أي محنة, أتمني لكما السعادة, وفي انتظار أخباركما الطيبة وإلي لقاء بإذن الله.
تعرفت علي فتاة بعدما تجاوزت فترة العلاج وتخلصت تماما من أعراض الانسحاب والآلام التي تعقب ترك المخدرات, لم أكذب عليها تماما ولكنني حاولت أن أتجمل فاعترفت لها بأنني كنت اتعاطي المخدرات ولكن بشكل بسيط وانني ليس عندي مشكلة مع المخدرات ولن اعود إليها ابدا... وهذا ما كنت انويه.. ومضت الأيام واصبح حبي لها يزداد كل يوم, بل كل ساعة ودقيقة وثانية.. اصبحت هي كل شئ احبه في هذه الدنيا..
لم تكن ظروفها في البيت مستقرة ما بين أب بخيل جدا وزوجة أب مهملة وأخوات كل واحد في حاله, لذلك كان حبها لي يزداد أيضا بشدة مع الايام, لانها وجدت معي الحنان والحب.. كنت أريد أن اضعها في قلبي.. في صدري حتي احميها من كل شئ.. خطبتها في وقت كنت فيه غير مستعد ماديا ولكن كان عندي يقين بأن الله سوف يساعدني مادمت أريد أن ابدأ حياة هادئة نظيفة مع المرأة التي اختارها قلبي.. وبالفعل تمت خطبتنا وكنا في ذلك اليوم اسعد اثنين علي وجه الأرض.. وبدأ الله يكافئني علي توبتي وترك المعاصي, فكنت ارزق رزقا واسعا وقمت باستئجار شقة وإعدادها, في وقت قصير جدا عقدنا القران وبدأنا الاستعداد للزفاف بعد شهر.. اقسم بالله اني كنت احس في بعض الاوقات ان قلبي سوف يتوقف عندما افكر ان الوقت الذي سوف اضمها الي صدري في بيتنا قد اقترب.. كنت ابكي من الفرح عندما كنت افكر بأنني سوف استيقظ لأري هذا الملاك نائما.. بجواري.. احبها.. ولكن حدثت لي مشكلة في يوم ما.. كثرت علي الديون وتركت عملي وكنت قلقا جدا علي مستقبلنا.. وقعت مرة أخري في فخ المخدرات ولكن سرعان ما اكتشف من حولي الأمر حتي زوجتي.. فطلبت الطلاق..
وهنا شعرت بأن هذا الطلب يعني القضاء علي كل أمل في حياتي.. بل القضاء علي انا.. اصبحت تطلب الطلاق في كل مرة تشك في انني تحت تأثير المخدر,.. سيدي.. في الماضي كنت مدمنا ولا استطيع العيش بدون المخدر ولكني عندما عدت لتناول المخدرات هذه المرة كانت مجرد بعض الأدوية والعقاقير المهدئة وكان الامر يحدث علي فترات بعيدة.. ولكن تطور الأمر مع زوجتي فأخبرت اهلها الذين كان ردهم علي الأمر ان الطلاق هو الحل وانني كنت اختيارا خاطئا من البداية واصبحت تلومهم علي أنهم وافقوا علي, ويقومون بالرد عليها انها هي التي اختارت.. ولكنني لكي احسم الموقف تعهدت إلي اخيها انني لن أكرر موضوع التعاطي وانني سوف ألتزم في العمل ولن اكذب أو أخدعها ابدا واتفقنا علي ان أعمل تحليل مخدرات من وقت إلي آخر حتي تطمئن انني لن أعود إلي هذا الطريق أبدا ما حييت.. منذ ذلك الوقت وأنا اعيش كل يوم في مشكلات, بعض الأوقات تريد الطلاق فهي خائفة من ان نعيش حياة المدمنين التي نعرفها جميعا, وبعض الأوقات تقول انها تحبني ولن تتركني مهما حدث..
وعدتها انني لن افعل اي شئ تكرهه.. لن أعود إلي طريق المخدرات ولن أكذب عليها مهما حدث.. بدأت اغير حياتي مرة أخري إلي الافضل.. تركت المخدرات مرة أخري واستعنت بالله ورزقني الله بالعمل في شركة كبيرة وبدأت المشاكل تذوب مع الايام وبدأت الأمور تهدأ بيننا.. ولكن هنا حدثت المصيبة الكبري.. سبب كتابتي هذه الرسالة.. كنا نجلس أول ايام العيد وكنت امسك يدها وانظر في عينيها وقلت لها هل انت خائفة مني حتي الآن؟ قالت نعم.. اخاف أن تعود للمخدرات ونعيش في جحيم أنا وأنت.. وكنت قد عرفت أن هناك ما يسمي بزمالة المدمنين المجهولين, وهو عبارة عن برنامج من12 خطوة يتبعها المدمن حتي يتخلص من مشكلة المخدرات, قمت بإخبارها عن هذه الخطوات واحضرت لها الكتاب الخاص بهذه الزمالة, وكانت أولي العبارات في الكتاب أن الادمان مرض مزمن لا شفاء منه ولكن يمكن محاصرته وذلك عن طريق الاثنتي عشر خطوة التي يقوم المدمن بعملها طوال حياته واذا توقف عن فعل هذه الاشياء فلا شك في أنه سوف يعود للتعاطي مرة أخري.. ورغبة مني في بداية صحيحة لمواجهة مرضي,
ذهبت الي وحدة إخراج المخدرات من الجسم وتعد هذه الخطوة الأولي التي يتخذها المدمن ويقوم بعدها بالذهاب الي مكان علاجي يساعده فيه المشرفون علي تطبيق الـ12 خطوة ومحاصرة مرضه.
اتفقنا أنا وهي علي أنني سوف أذهب واقضي الأيام الخمسة في هذا المكان وبعدها أقوم بتطبيق البرنامج وبذلك ينتهي خوفها من عودتي الي المخدرات الي الأبد.. ولكني فوجئت بأنها تريد الطلاق مرة أخري, ولكن هذه المرة بإصرار شديد وهي تقول.. أنت مدمن وأنا لا استحق أن أعيش مع مدمن.. أنه مرض لا شفاء منه.. أنا أخاف اجيب منك أولاد.. أنت ممكن تتحول في أي وقت.
سيدي.. أنا أحب هذه الفتاة.. أحبها أكثر من كل شيء في حياتي.. اقسم لك بأنني مستعد أن أفعل أي شيء حتي يتم زواجنا.. أحبها فهي كل ما بقي لي في الدنيا.. أعلم جيدا أنني لو فقدتها فسوف أضيع.. أنا أريد أن أعيش معها وأنجب أطفالا وأصبح أبا محترما.. أريد أن اعوضها واعوض اهلي عما سببته لهم.. أريد أن أعيش في سلام.. إنني أكتب هذه الرسالة حتي اسأل هل أنا مكتوب علي أن أدفع ثمن تعاطي المخدرات طوال حياتي؟.. ألا يوجد شيء اسمه توبة؟.. هل استطيع أن أحتفظ بزوجتي وأكون الإنسان المحترم الذي اتمني أن أكون..؟ هل تقف زوجتي الي جانبي أم تتركني؟؟ سوف تكون ورقة طلاقنا هي نفس ورقة شهادة وفاتي.. هل استحقها..؟ كيف اثبت لكل من حولي أنني جاد في رغبتي في العلاج وانني لن أعود بإذن الله ابدا الي التعاطي..؟! أعلم أنني اطلت عليك سيدي, اليوم أنا في انتظار اخيها حتي ينهي الموضوع.. أتوسل اليك أكتب لها بعض الكلمات التي تجعلها تعطيني فرصة, والله أنا جاد في طلب المساعدة, جاد في كرهي الشديد للمخدرات, جاد في حبي لزوجتي.. ساعدني أرجوك فهي من محبي بريد الجمعة وتتأثر به وبآرائك.
ساعدوني في الاحتفاظ بزوجتي.. وأنا علي أتم استعداد للقيام بالإبلاغ عن بعض تجار المخدرات الذين اعرفهم بل واساعد في القبض عليهم.
سيدي: لقد خسرت كثيرا في الطريق الذي كنت اسير فيه.. ولكنني أفقت.. وأريد النجاة.. ساعدني.
أرجوك حاول مساعدتي بنشر رسالتي وإقناع زوجتي بأنه يوجد أمل وأنه ليس من الضرورة أن أنتكس وأعود للتعاطي.. إن قربي من الله سوف يحميني.. وأنا عندي يقين بذلك.
وبالمناسبة أرجو كتابة موقع زمالة المدمنين المجهولين, وأرجو من أي شخص عنده مشكلة مع المخدرات الدخول الي الموقعwww.na.org.. و معرفة البرنامج لأنه اثبت أنه الطريقة الوحيدة التي تجعل ترك المخدرات والعيش بدونها شيئا ممكنا.
* سيدي..
جاءتني رسالتك في الوقت الذي تتجمع أمامي معلومات مفزعة عن انتشار المخدرات بين الشباب, فالهيروين أصبح رخيص الثمن, والإقبال زاد علي الكوكايين, والعقاقير الطبية المدرجة علي جداول المخدرات.. شباب يبحث عن متعة لحظية, معتقدا أنه يستطيع النجاة في أي وقت يشاء, وفجأة يكتشف أنه يفقد رجولته, كما يفقد إنسانيته واحترام الآخرين وثقتهم به, فيصبح الخروج صعبا وشاقا, فإما أن ينجو إذا كانت لديه النية والعزيمة, وإما أن يصبح عبئا علي الجميع ـ أهله ومحبيه وأصحابه ـ مطاردا من الشرطة, محروما من كل متع الحياة, من زوجة صالحة, من عمل ينجح فيه وبه, من ابن يحمل اسمه ويتباهي به.
كنت يا عزيزي, تسير في طريق الهلاك حتي أرسلت لي ومددت لك وأصدقاء بريد الجمعة يدنا, ونجحت في اجتياز الصعب, وفي موسم الحصاد, ومع أول عاصفة واجهتك, انهزمت, انتكست, خذلت شريكة الحياة التي تعلقت بك وبنت آمالا عليك لتعويضها عما عانته في حياتها, وعدت إلي عالم المخدرات, عدت لتستنشق مرة أخري رائحة الموت بعد أن تنسمت رائحة الحياة.
تسأل ـ يا عزيزي ـ ألا يوجد شيء اسمه توبة؟ هل استطيع أن احتفظ بزوجتي وأكون الإنسان المحترم الذي أتمني أن أكون؟.. نعم, من حقك, ولكن من منعك هذا الحق؟ ألست أنت الجاني؟ ألست أنت الذي أخللت بواجباتك!
إذا كان لك حق, فعليك واجب, وأنت الذي رفض الحصول علي الأول وفرطت فيه, ولم تقم بالثاني, فمن يطلب ممن؟!.
من حق زوجتك ألا تأمن لك, بعد أن وثقت فيك ووقفت بجوارك, ومن حقها ألا تنجب منك الآن, فلن يشرف أولادك أن يكون أبوهم مدمنا..
سيدي.. تطلب مني أن أقنع زوجتك بوجود الأمل في شفائك, وسأفعل وأدعوها لتمنحك الفرصة الأخيرة, تساندك حتي تبرأ تماما مما أنت فيه, خاصة أنك تعرف طريق العلاج, فمحبتك لها تستحق هذه الفرصة, علي أن تثبت لها ولنفسك ولنا أنك صادق هذه المرة, وأنك بدون وضع شروط ستتوجه إلي إدارة مكافحة المخدرات للإبلاغ عن تجار المخدرات, الذين يقتلون الشباب مستقبل الوطن.
عليك أن تثبت لزوجتك أنك رجلها الذي لا تهزمه المشكلات, ليس عيبا أن تخسر مواجهة, أن تتعثر, أن تفشل, العيب هو أن تهرب من المواجهة, أن تختبئ خلف المخدر, فهو لا يحل مشكلة ولكنه يغيبك مؤقتا عنها, وعندما تفيق تكتشف أنك مازلت في موقعك, وحيدا في أرض الغرفة, أو ضائعا في الطريق.. اشركها معك في كل أزمة, وتأكد أنك معها وبحبكما تستطيعان تجاوز أي محنة, أتمني لكما السعادة, وفي انتظار أخباركما الطيبة وإلي لقاء بإذن الله.