[center]
لا ترجع أهمية الكوسة في مصر إلى قيمتها الغذائية كطعام يؤكل، وإنما إلى المعاني الخفية التي صار يرمز لها هذا النبات، تلك المعاني التي أصبحت تتدخل في كل أمور حياتنا بشكل مثير للغيظ!
لكن دعونا نتعرف أولاً على هذا النبات فائق الأهمية!
تنتمي الكوسة إلى فصيلة Cucurbita pepo، مما يعني أنها من العائلة العريقة التي ينتمي إليها الخيار. والكوسة نفسها شبيهة جداً بالخيار، ويمكننا أن نقول إن الكوسة ما هي إلا خيارة مضلعة.
يمكن للكوسة أن تكون خضراء، أو بلون أخضر فاتح، أو صفراء. ووفقاً لعلم النبات فإن الكوسة تعتبر ثمرة غير تامة النضج، باعتبارها المبيض المنتفخ لزهرة النبات.
للكوسة زهرة ذهبية اللون، يتم أكلها في بعض البلدان، كما يتم استخدامها أحياناً لتغليف بعض الأكلات، أو لتزيين أطباق الطعام. وفي المكسيك يتم استخدام الزهرة في أطباق السلطة.
أما ثمرة الكوسة نفسها فيتم جمعها قبل أن تنضج، عندما يصل طول الواحدة منها إلى حوالي 20 سنتيمترا، حيث تكون بذورها في هذه الحالة طرية وقابلة للمضغ، أما إذا تركت لتنضج فإن البذور تصبح صلبة، كما أن طولها يمكن أن يصل إلى تسعين سنتيمتراً!
وبعكس ابن عمها الخيار، فإن الكوسة تقدم مطبوخة وليست نيئة، وهناك الكثير جداً من الطرق لطهو الكوسة، ما بين السلق، والشيّ، والخَبْز، وصنع المحشي، والقلي. وفي بعض البلدان يتم صنع الخبز منها. ويبدو أن للكوسة شعبية متزايدة على عكس ما قد نظن، ففي بريطانيا، في إحصائية أجريت عام 2005، اختار الناس الكوسة في المركز العاشر ضمن قائمة الخضر المفضلة لديهم.
في إيطاليا يقلون الكوسة في الطاسة، وبعض المطاعم تقوم بقلي الزهرة أيضاً، وفي اليونان الكوسة هي طبق أساسي في موسم الصوم، وفي بلغاريا تقدم مع الزبادي والثوم والشبث. أما في فرنسا فإن الكوسة هي المكوّن الأساسي في أكلة الرتاتوي Ratatouille التي أصبحت شهيرة جداً في العالم بعد صدور الفيلم الكارتوني الذي يحمل نفس الاسم، والذي كان يحكي عن فأر يريد أن يصبح طباخاً!
أما في مصر وليبيا فيتم حشو الكوسة بالأرز واللحم المفروم، أو تقطيعها إلى شرائح وطهوها مع البصل والطماطم.
والكوسة من الأطعمة قليلة السعرات الحرارية، حيث يحتوي المائة جرام منها على 15 سعراً حرارياً (كالوري) فقط لا غير، كما تحتوي على كمية لا بأس بها من حمض الفوليك والبوتاسيوم وفيتامين A والماغنسيوم.
تبلغ مساحة الأرض المزروعة بالكوسة في مصر وفقاً للإحصائيات حوالي مائة ألف فدان! وفي مصر تتعرض الكوسة لفيروس "التبرقش الأصفر" الذي يؤثر على الإنتاجية بنسبة كبيرة، وقد استطاع الباحثون في معمل نقل الجينات بمعهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية إنتاج نباتات كوسة مقاومة للفيروس، وذلك باستخدام استراتيجية جين الغلاف البروتيني، وبهذا فقد تمكن المركز من ترسيخ إنتاج الكوسة في مصر!
وفي مصر ستقابلك الكوسة أينما تذهب.
عندما تتقدم إلى وظيفة سيسبقك إليها آخر بسبب الكوسة. عندما يكون من حقك أن تعيّن معيداً في الكلية سيأخذ مكانك ابن الأستاذ بسبب الكوسة. عندما تذهب لقضاء مصلحة حكومية وتقف ساعتين في الطابور منتظراً دورك، ستجد أن شخصاً وصل للتوّ قد دخل من الباب الجانبي وأنهى عمله في ثوان بسبب الكوسة. عندما تسير في الطريق الصحراوي ستجد سيارة فارهة تسير بسرعة جنونية دون أن يوقفها الكمين بسبب الكوسة. أما عندما تعود إلى المنزل فتجدها مطبوخة وموضوعة في أطباق في انتظارك، فعندها يكون من حقك أن تغلق غرفتك على نفسك وتعلن إضرابك عن الطعام!
لكل هذا يمكننا أن نقول إن الكوسة هي النبات الذي يستحق بجدارة أن يكرهه المصريون!