ما هو الحل ؟
لكي يتخلَّص المُصلِّي من أمثال هذه الأفكار و يتمكَّن من الإقبال بقلبه كُلِّه على الله ـ حسب ما وَرَدَ في الحديث [10] ـ لا بُدَّ له من قطع الصلة بينه و بين كل ما يدور حوله حال كونه في الصلاة ، و هذا الأمر لا يتسنى له حتى يُعطي الصلاة حقها .
فقد رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ الإمام عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
" ... وَ حَقُّ الصَّلَاةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا وِفَادَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْتَ فِيهَا قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ قُمْتَ مَقَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ الْحَقِيرِ الرَّاغِبِ الرَّاهِبِ الرَّاجِي الْخَائِفِ الْمُسْتَكِينِ الْمُتَضَرِّعِ الْمُعَظِّمِ لِمَنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسُّكُونِ وَ الْوَقَارِ وَ تُقْبِلَ عَلَيْهَا بِقَلْبِكَ وَ تُقِيمَهَا بِحُدُودِهَا وَ حُقُوقِهَا .. " [11] .
فقد رَوى حَمَّادُ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
" لِلصَّلَاةِ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدٍّ " [12] .
نعم للصلاة الكاملة و التامة شروط و آداب ينبغي معرفتها و المواظبة عليها حتى تتوفر الأجواء المناسبة للصلاة بإبتعاد الإنسان عن كل ما يُشغل فكره و إهتمامه و ينقطع عنها بصورة تامة أثناء مناجاته لرب العالمين .
و حالة الإنقطاع هذه يمكن تحصيلها عن طريق الالتزام بالمستحبات التي ترتبط بمقدمات الصلاة كالوضوء و الأذان و الإقامة و لباس المصلي و مكانه و غيرها .
و من مميزات هذه المستحبات و الآداب أنها تُبعد الإنسان عن تعلُّقاته الدنيوية رويداً رويداً ، و تهيؤه للدخول في الصلاة بقلب خاشع شيئاً فشيئاً .
أما الذي لا يواظب على هذه المستحبات و يدخل في الصلاة فجأةً من دون أي مقدمات إنما يعطي الضوء الأخضر للشيطان و يُمكِّنه من نفسه لكي يسلُب منه التوجه و الخشوع ، ذلك لأنه لم يقطع صلته بَعدُ بما قبل صلاته من أفكار و أعمال ، و لم يهيء نفسه للدخول في الصلاة كما ينبغي .
و لكي نُقدم مثالاً لذلك نُذكِّر المؤمنين و المؤمنات بالمواظبة على دعاء الوضوء الذي له أثرٌ فعال في إبعاد الإنسان عن الأجواء السابقة للصلاة و قطع شريط الأفكار ، كما أن لهذا الدعاء أثراً غريباً في خلق الأجواء الروحية المناسبة للدخول في الصلاة ، و إليك الدعاء :
رُوي عن الإمام جعفر بن محمد الصَّادِقُ ( عليه السَّلام ) أنه قال : " بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ ائْتِنِي بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ أَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدٌ بِالْمَاءِ ، فَأَكْفَأَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى ، ثُمَّ قَالَ :
بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً وَ لَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً .
قَالَ : ثُمَّ اسْتَنْجَى فَقَالَ :
اللَّهُمَّ حَصِّنْ فَرْجِي وَ أَعِفَّهُ وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَ حَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ .
قَالَ : ثُمَّ تَمَضْمَضَ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ لَقِّنِّي حُجَّتِي يَوْمَ أَلْقَاكَ وَ أَطْلِقْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ .
ثُمَّ اسْتَنْشَقَ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ لَا تُحَرِّمْ عَلَيَّ رِيحَ الْجَنَّةِ وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَشَمُّ رِيحَهَا وَ رَوْحَهَا وَ طِيبَهَا .
قَالَ : ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ فِيهِ الْوُجُوهُ وَ لَا تُسَوِّدْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ الْوُجُوهُ .
ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَقَالَ :
اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَ الْخُلْدَ فِي الْجِنَانِ بِيَسَارِي وَ حَاسِبْنِي حِسَاباً يَسِيراً .
ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَقَالَ :
اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِيَسَارِي وَ لَا تَجْعَلْهَا مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِي وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّي مِنْ مُقَطَّعَاتِ النِّيرَانِ .
ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ غَشِّنِي بِرَحْمَتِكَ وَ بَرَكَاتِكَ وَ عَفْوِكَ .
ثُمَّ مَسَحَ رِجْلَيْهِ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَ اجْعَلْ سَعْيِي فِيمَا يُرْضِيكَ عَنِّي يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ .
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَالَ :
يَا مُحَمَّدُ مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي وَ قَالَ مِثْلَ قَوْلِي خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكاً يُقَدِّسُهُ وَ يُسَبِّحُهُ وَ يُكَبِّرُهُ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثَوَابَ ذَلِكَ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " [13] .
هذا و المتدبَّر في هذا الدعاء المتعمَّق في معانيه يلمس الأثر السريع له في معالجة حديث النفس ، خاصة إذا أضاف له آثار سائر الآداب و المقدمات كالأذان و الإقامة و غيرهما .
الذكر المؤثر في معالجة حديث النفس :
رَوى هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جعفر بن محمد الصَّادِقِ ( عليه السَّلام ) أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) :
" إِنَّ آدَمَ شَكَا إِلَى اللَّهِ مَا يَلْقَى مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَ الْحُزْنِ ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ ( عليه السَّلام ) ، فَقَالَ لَهُ : يَا آدَمُ ، قُلْ : لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَقَالَهَا فَذَهَبَ عَنْهُ الْوَسْوَسَةُ وَ الْحُزْنُ " [14] .
و رُوي عَنِ الإمام جعفر بن محمد الصَّادِقِ ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ : " لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ صَبَاحاً إِلَّا حَدَّثَ نَفْسَهُ ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ لْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ " [15] .
عوامل أخرى مؤثرة في إيجاد الخشوع :
و هناك عوامل أخرى تؤثر في إيجاد حالة التوجه و الخشوع و حصول التركيز لدى المصلِّي نُشير إليها بإيجاز كالتالي :
1. الإهتمام بأوقات الصلوات .
2. إختيار المكان المناسب للصلاة من حيث الهدوء و عدم وجود ما يُصرف إنتباه المُصلِّي أمثال الأصوات و الصور و حضور الآخرين و النافذة أو الباب المفتوح أمام المصلِّي و غيرها من الأمور .
3. تركيز النظر إلى محل السجدة في حال القيام و القراءة و التشهد و السلام .
4. التدبّر في معاني الكلمات و الأذكار التي تُقال في الصلاة .
5. تعويد النفس على الرجوع إلى حالة الخشوع كلما عرض للإنسان شيء من العوامل الصارفة .
6. المواظبة على النوافل .
7. المواظبة على الأدعية و الأذكار و التعقيبات الخاصة بكل صلاة .
8. أكل الرمان فإنه مفيد لمعالجة الوسواس و حديث النفس حسب ما جاء في الحديث :
فقد رَوى مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
" مَنْ أَكَلَ حَبَّةً مِنْ رُمَّانٍ أَمْرَضَتْ شَيْطَانَ الْوَسْوَسَةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً " [16] .
و أخيراً :
و أخيراً نُذَكر بأن لحديث النفس أنواع و صور مختلفة ، فمنها ما هو من قبيل الشك في العقيدة بسبب ما يلقيه الشيطان و يسببه من وساوس في صدور الناس طمعاً منه في التغلُّب عليهم و إبعادهم عن جادة الحق و الصواب ، فيلقي في نفوسهم الشبهات و التشكيكات و يبذل كل ما بوسعه من أجل تحقيق مآربه و نواياه ، و يتوسل بكل الأساليب و الوسائل ، إلى غيرها .
و نحن نسأل الله عزَّ و جَلَّ أن يُبعد عنا الشيطان و وساوسه في جميع الحالات خاصة حال الصلاة و العبادة ، و أن يوفقنا و يوفِّقَ جميع المؤمنين للصلاة التامة و المقبولة بقلوب خاشعة و منقطعة إلى رب العالمين ، إنه مجيب الدعاء .
و الله المستعان
منقول للفائدة
لكي يتخلَّص المُصلِّي من أمثال هذه الأفكار و يتمكَّن من الإقبال بقلبه كُلِّه على الله ـ حسب ما وَرَدَ في الحديث [10] ـ لا بُدَّ له من قطع الصلة بينه و بين كل ما يدور حوله حال كونه في الصلاة ، و هذا الأمر لا يتسنى له حتى يُعطي الصلاة حقها .
فقد رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ الإمام عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
" ... وَ حَقُّ الصَّلَاةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا وِفَادَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْتَ فِيهَا قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ قُمْتَ مَقَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ الْحَقِيرِ الرَّاغِبِ الرَّاهِبِ الرَّاجِي الْخَائِفِ الْمُسْتَكِينِ الْمُتَضَرِّعِ الْمُعَظِّمِ لِمَنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسُّكُونِ وَ الْوَقَارِ وَ تُقْبِلَ عَلَيْهَا بِقَلْبِكَ وَ تُقِيمَهَا بِحُدُودِهَا وَ حُقُوقِهَا .. " [11] .
فقد رَوى حَمَّادُ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
" لِلصَّلَاةِ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدٍّ " [12] .
نعم للصلاة الكاملة و التامة شروط و آداب ينبغي معرفتها و المواظبة عليها حتى تتوفر الأجواء المناسبة للصلاة بإبتعاد الإنسان عن كل ما يُشغل فكره و إهتمامه و ينقطع عنها بصورة تامة أثناء مناجاته لرب العالمين .
و حالة الإنقطاع هذه يمكن تحصيلها عن طريق الالتزام بالمستحبات التي ترتبط بمقدمات الصلاة كالوضوء و الأذان و الإقامة و لباس المصلي و مكانه و غيرها .
و من مميزات هذه المستحبات و الآداب أنها تُبعد الإنسان عن تعلُّقاته الدنيوية رويداً رويداً ، و تهيؤه للدخول في الصلاة بقلب خاشع شيئاً فشيئاً .
أما الذي لا يواظب على هذه المستحبات و يدخل في الصلاة فجأةً من دون أي مقدمات إنما يعطي الضوء الأخضر للشيطان و يُمكِّنه من نفسه لكي يسلُب منه التوجه و الخشوع ، ذلك لأنه لم يقطع صلته بَعدُ بما قبل صلاته من أفكار و أعمال ، و لم يهيء نفسه للدخول في الصلاة كما ينبغي .
و لكي نُقدم مثالاً لذلك نُذكِّر المؤمنين و المؤمنات بالمواظبة على دعاء الوضوء الذي له أثرٌ فعال في إبعاد الإنسان عن الأجواء السابقة للصلاة و قطع شريط الأفكار ، كما أن لهذا الدعاء أثراً غريباً في خلق الأجواء الروحية المناسبة للدخول في الصلاة ، و إليك الدعاء :
رُوي عن الإمام جعفر بن محمد الصَّادِقُ ( عليه السَّلام ) أنه قال : " بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ ائْتِنِي بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ أَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدٌ بِالْمَاءِ ، فَأَكْفَأَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى ، ثُمَّ قَالَ :
بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً وَ لَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً .
قَالَ : ثُمَّ اسْتَنْجَى فَقَالَ :
اللَّهُمَّ حَصِّنْ فَرْجِي وَ أَعِفَّهُ وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَ حَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ .
قَالَ : ثُمَّ تَمَضْمَضَ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ لَقِّنِّي حُجَّتِي يَوْمَ أَلْقَاكَ وَ أَطْلِقْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ .
ثُمَّ اسْتَنْشَقَ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ لَا تُحَرِّمْ عَلَيَّ رِيحَ الْجَنَّةِ وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَشَمُّ رِيحَهَا وَ رَوْحَهَا وَ طِيبَهَا .
قَالَ : ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ فِيهِ الْوُجُوهُ وَ لَا تُسَوِّدْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ الْوُجُوهُ .
ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَقَالَ :
اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَ الْخُلْدَ فِي الْجِنَانِ بِيَسَارِي وَ حَاسِبْنِي حِسَاباً يَسِيراً .
ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَقَالَ :
اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِيَسَارِي وَ لَا تَجْعَلْهَا مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِي وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّي مِنْ مُقَطَّعَاتِ النِّيرَانِ .
ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ غَشِّنِي بِرَحْمَتِكَ وَ بَرَكَاتِكَ وَ عَفْوِكَ .
ثُمَّ مَسَحَ رِجْلَيْهِ فَقَالَ :
اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَ اجْعَلْ سَعْيِي فِيمَا يُرْضِيكَ عَنِّي يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ .
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَالَ :
يَا مُحَمَّدُ مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي وَ قَالَ مِثْلَ قَوْلِي خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكاً يُقَدِّسُهُ وَ يُسَبِّحُهُ وَ يُكَبِّرُهُ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثَوَابَ ذَلِكَ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " [13] .
هذا و المتدبَّر في هذا الدعاء المتعمَّق في معانيه يلمس الأثر السريع له في معالجة حديث النفس ، خاصة إذا أضاف له آثار سائر الآداب و المقدمات كالأذان و الإقامة و غيرهما .
الذكر المؤثر في معالجة حديث النفس :
رَوى هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جعفر بن محمد الصَّادِقِ ( عليه السَّلام ) أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) :
" إِنَّ آدَمَ شَكَا إِلَى اللَّهِ مَا يَلْقَى مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَ الْحُزْنِ ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ ( عليه السَّلام ) ، فَقَالَ لَهُ : يَا آدَمُ ، قُلْ : لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَقَالَهَا فَذَهَبَ عَنْهُ الْوَسْوَسَةُ وَ الْحُزْنُ " [14] .
و رُوي عَنِ الإمام جعفر بن محمد الصَّادِقِ ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ : " لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ صَبَاحاً إِلَّا حَدَّثَ نَفْسَهُ ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ لْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ " [15] .
عوامل أخرى مؤثرة في إيجاد الخشوع :
و هناك عوامل أخرى تؤثر في إيجاد حالة التوجه و الخشوع و حصول التركيز لدى المصلِّي نُشير إليها بإيجاز كالتالي :
1. الإهتمام بأوقات الصلوات .
2. إختيار المكان المناسب للصلاة من حيث الهدوء و عدم وجود ما يُصرف إنتباه المُصلِّي أمثال الأصوات و الصور و حضور الآخرين و النافذة أو الباب المفتوح أمام المصلِّي و غيرها من الأمور .
3. تركيز النظر إلى محل السجدة في حال القيام و القراءة و التشهد و السلام .
4. التدبّر في معاني الكلمات و الأذكار التي تُقال في الصلاة .
5. تعويد النفس على الرجوع إلى حالة الخشوع كلما عرض للإنسان شيء من العوامل الصارفة .
6. المواظبة على النوافل .
7. المواظبة على الأدعية و الأذكار و التعقيبات الخاصة بكل صلاة .
8. أكل الرمان فإنه مفيد لمعالجة الوسواس و حديث النفس حسب ما جاء في الحديث :
فقد رَوى مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
" مَنْ أَكَلَ حَبَّةً مِنْ رُمَّانٍ أَمْرَضَتْ شَيْطَانَ الْوَسْوَسَةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً " [16] .
و أخيراً :
و أخيراً نُذَكر بأن لحديث النفس أنواع و صور مختلفة ، فمنها ما هو من قبيل الشك في العقيدة بسبب ما يلقيه الشيطان و يسببه من وساوس في صدور الناس طمعاً منه في التغلُّب عليهم و إبعادهم عن جادة الحق و الصواب ، فيلقي في نفوسهم الشبهات و التشكيكات و يبذل كل ما بوسعه من أجل تحقيق مآربه و نواياه ، و يتوسل بكل الأساليب و الوسائل ، إلى غيرها .
و نحن نسأل الله عزَّ و جَلَّ أن يُبعد عنا الشيطان و وساوسه في جميع الحالات خاصة حال الصلاة و العبادة ، و أن يوفقنا و يوفِّقَ جميع المؤمنين للصلاة التامة و المقبولة بقلوب خاشعة و منقطعة إلى رب العالمين ، إنه مجيب الدعاء .
و الله المستعان
منقول للفائدة